الفرسان والجوع: القصة المروعة لأكل لحوم البشر في الحروب الصليبية

الفرسان والجوع: هل أكل الصليبيون لحوم البشر في طريقهم إلى القدس؟

المقدمة

في التاريخ، لحظات لا تُنسى… لا لأنها عظيمة، بل لأنها مرعبة إلى حد يصعب تصديقه. شتاء عام 1098م، في قلب الشام، كانت واحدة من هذه اللحظات: **حصار معرة النعمان**، حيث بلغ الجوع بالصليبيين حدًا جعلهم يُقبلون على ما لا يجرؤ عليه بشر… **أكل لحوم البشر**.

لكن كيف وصلوا إلى هذا الحد؟ وماذا تخبرنا المصادر عن تلك الأيام السوداء؟

سقوط أنطاكية... وبداية الجحيم

بعد معركة طاحنة استمرت شهورًا، سقطت **أنطاكية** في يد الصليبيين في يونيو 1098. لكن الفرحة لم تكتمل. فالمؤن كانت قد نفدت، والشتاء يقترب، والانقسام بدأ يتسلل داخل صفوف الحملة.

قرر قادة الحملة أن يتحركوا جنوبًا نحو مدينة **معرة النعمان**، علّهم يجدون فيها المؤن التي تساعدهم على الاستمرار.

حصار معرة النعمان والمجزرة

في نوفمبر 1098، بدأ الحصار على المدينة، واستمر لأيام قليلة فقط. وبعد مقاومة شرسة، اقتحم الصليبيون المدينة، فبدأت مجزرة جماعية:

"قتلوا كل من في المدينة، لا فرق بين طفل أو شيخ أو امرأة، حتى ساحت الطرقات بالدماء." – ابن الأثير.

تشير التقديرات إلى مقتل ما لا يقل عن **20 ألف مدني**، بعض المصادر ترفع الرقم إلى أكثر من 100 ألف. لكن ما حدث بعد ذلك كان أكثر فظاعة.

حين أكل الفرسان الموتى... حرفيًا

لم يكن في المدينة ما يكفي من الطعام. الأهالي أفرغوا المخازن قبل الانسحاب، والبرد كان قارصًا، والجثث تغطي الشوارع.

هنا، بحسب ما ذكره المؤرخون الأوروبيون أنفسهم، لجأ بعض الصليبيين إلى **أكل لحوم البشر**.

ألبرت من آخن كتب: "رأيت رجالًا يقطعون لحم الجثث، يضعونه في قدور، ويشعلون النار أسفلها… ثم يأكلون."
رالف من كاين أكد في رسائله: "الجوع جعل بعضنا يفقد إنسانيته."

تضارب المصادر... لكن الحقيقة واحدة

البعض من المؤرخين الحديثين حاول إنكار هذه الوقائع، واعتبارها دعاية عربية مضادة. لكن الغريب أن من كتبها لم يكونوا عربًا، بل صليبيين!

وقد أكد المؤرخ اللبناني أمين معلوف أن: "الغرب لم يُنكر ما حدث، بل سجّله بدم بارد."

بل إن بعض القادة الصليبيين برروا الأمر بأنه "ضرورة للبقاء"، ولم يصدر أي تنديد رسمي من الكنيسة.

رسائل الدم... إلى كل من يقف في الطريق

ما جرى في معرة النعمان كان رسالة: أن الحملة الصليبية لن تتوقف أمام أي شيء، ولن تردعها الأعراف أو الدين أو الإنسانية.

هي حملة كانت تتغذى على الحقد والتطرف الديني والجشع، وليس فقط على الخبز واللحم.

لماذا هذه القصة مهمة اليوم؟

لأن التاريخ يُعيد نفسه، لا بنفس التفاصيل، لكن بنفس المنطق. عندما يُستخدم الدين كذريعة للقتل… وعندما يُرفع شعار "الحق الإلهي" لتبرير أفظع الجرائم… نعود إلى معرة النعمان، ونرى كم يمكن أن يكون الإنسان وحشيًا، إذا فقد ضميره.

شاهد وثائقي عن حصار معرة النعمان!



الخاتمة: بين الدين والجوع... يسقط القناع

"الله يريدها"، هكذا قالها البابا أوربان الثاني. لكن بعد مجزرة معرة النعمان، وأكل الجثث، بدا واضحًا أن ما يُراد ليس الخلاص الروحي… بل السيطرة، والثروة، والانتقام.

لم تكن الحملة الصليبية الأولى مجرد صراع ديني، بل مشروع استعماري دموي، سقط فيه الأبرياء، وانتهكت فيه القبور… وتحول الفرسان فيه إلى آكلي لحوم بشر.

في الحلقة القادمة من "العركة بدأت"، نواصل الحكاية… من معرة النعمان إلى جبيل وطرابلس، فماذا ينتظر على الطريق إلى القدس؟

المصادر والمراجع

النوعالوصف
المصادر التاريخية الأوليةسجلات المؤرخين المعاصرين للحملات الصليبية مثل ابن الأثير، وألبرت من آخن، ورالف من كاين.
الكتب والدراسات الحديثةالأبحاث المتخصصة في تاريخ الحروب الصليبية وتفسير الأحداث التاريخية المثيرة للجدل، مثل أعمال أمين معلوف.
الموسوعات التاريخيةموسوعة بريتانيكا (Britannica)، وموسوعات تاريخية أخرى موثوقة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال