من شوارع تل أبيب إلى قلب بوينس آيرس: رافي إيتان والصيد الثمين!
المقدمة
في عالم الجاسوسية، ثمة أسماء لا يمكن أن تُمحى من الذاكرة، أسماء دوّت أفعالها في أرجاء العالم، ودوّنت سطورًا سرّية في كتب التاريخ. ومن بين تلك الأسماء، يبرز اسم **رافي إيتان**، الرجل الذي قاد واحدة من أخطر وأشهر عمليات الموساد في القرن العشرين. إنها قصة الجاسوس الإسرائيلي الذي عرف كيف يصطاد أعتى رجال النازية في قلب الأرجنتين، ويخطفه كالشبح دون أن يترك أثرًا.
نشأة رافي إيتان
وُلد رافي إيتان عام 1926 في مستوطنة موشاف عيون يمين بفلسطين المحتلة. نشأ وسط أسرة يهودية ذات ميول صهيونية متطرفة، وكان والده من المهاجرين الأوائل القادمين من روسيا. منذ صغره، ظهرت عليه علامات الذكاء الحاد والانضباط، والتحق بالمدارس الزراعية، حيث تعلم استخدام الأسلحة والتخفي بين الحقول والجبال.
في شبابه المبكر، انضم إلى تنظيم "**الهاجاناه**" — النواة الأولى لجيش الاحتلال الإسرائيلي — حيث تمرس على القتال، وشارك في عمليات سرية ضد القوات البريطانية والعرب.
رحلته إلى عالم الجاسوسية
مع قيام دولة الاحتلال عام 1948، كان رافي من أوائل الذين التحقوا بجهاز الاستخبارات "**الموساد**"، حيث أثبت جدارة فائقة في المهام الاستخباراتية، خصوصًا عمليات الاغتيال والتصفية.
أبرز عملياته: اختطاف أدولف آيخمان
في عام 1960، تولى رافي قيادة أخطر عملية للموساد في القرن العشرين: القبض على **أدولف آيخمان**، أحد قادة النظام النازي، المسؤول عن تنفيذ المحرقة ضد اليهود.
بالتنسيق مع وحدة نخبة من رجال الموساد، سافر رافي إلى بوينس آيرس بالأرجنتين تحت غطاء رجل أعمال أوروبي. راقب آيخمان لأيام، حتى تأكد من هويته. وفي ليلة 11 مايو 1960، تم تنفيذ الخطة المحكمة: خطف آيخمان بينما كان عائدًا إلى منزله، وتم نقله إلى منزل آمن، ثم إلى مطار عسكري، ليتم تهريبه إلى تل أبيب.
المفارقة:
رافـي إيتان هو من حقق مع آيخمان بنفسه طيلة الأيام التي سبقت نقله لإسرائيل، حيث حرص على أن يعترف بهويته ويؤكد ماضيه النازي.
شاهد وثائقي عن عملية القبض على أدولف آيخمان!
الأشخاص الذين تعامل معهم والبلدان التي عمل فيها
الأشخاص الذين تعامل معهم:
- **إسحاق شامير**: رئيس فرع العمليات الخاصة بالموساد حينها.
- **إيسر هاريل**: رئيس جهاز الموساد، الذي كلف رافي بالمهمة.
- **بيتر مالكين**: العميل الذي انقض على آيخمان في الشارع.
البلدان التي عمل فيها:
- **الأرجنتين**: تنفيذ عملية القبض على آيخمان.
- **ألمانيا الغربية**: متابعة عناصر نازية هاربة.
- **فرنسا وأمريكا الجنوبية**: مهام سرية لملاحقة النازيين.
مسيرته بعد الجاسوسية
عقب نجاحه الساحق في عملية آيخمان، أصبح رافي أحد أشرس رجالات الموساد. لاحقًا تولّى مهام استخباراتية في أوروبا وأفريقيا، قبل أن يعتزل العمل الميداني في السبعينيات.
في عام 1984، عُيّن مستشارًا لشؤون الإرهاب لدى الحكومة الإسرائيلية، ثم تولى لاحقًا مناصب وزارية في حكومات الاحتلال، أبرزها **وزير شؤون المتقاعدين**.
الخاتمة
هكذا كان رافي إيتان — رجل الظل الذي نفّذ عمليات خطف وقتل سرية، وصنع أسطورته الخاصة داخل عالم الاستخبارات.
ظلّ اسمه مرتبطًا بواحدة من أكثر العمليات الجريئة في تاريخ الموساد، والتي أثبتت مدى وحشية هذا الجهاز.
وفي عام 2019، أُسدلت الستار على قصة رافي حين فارق الحياة عن عمر يناهز 92 عامًا، ليظل اسمه محفورًا في أرشيف الجاسوسية العالمية.