الانشطار النووي: طاقة هائلة وسلاح ذو حدين
المقدمة
في قلب كل ذرة، تكمن طاقة هائلة يمكن أن تغيّر مسار العالم. الانشطار النووي هو أحد أعظم اكتشافات القرن العشرين، حيث أتاح للبشرية توليد الكهرباء بفعالية عالية، لكنه في الوقت نفسه منحها أدوات دمار مرعبة. في هذه المقالة، سنستعرض الأساسيات العلمية للانشطار النووي، آلية حدوثه، أشهر تطبيقاته في المفاعلات والقنابل، إضافة إلى مخاطره، كل ذلك بأسلوب مبسط وشامل مدعوم بأمثلة وتوضيحات موثوقة.
ما هو الانشطار النووي؟
الانشطار النووي هو عملية انقسام نواة الذرة الثقيلة وغير المستقرة (مثل اليورانيوم 235 أو البلوتونيوم 239) إلى نواتين أصغر وأكثر استقرارًا، ويُطلق هذا التفاعل كمية هائلة من الطاقة، بالإضافة إلى 2 أو 3 نيوترونات إضافية.
تحدث هذه الظاهرة غالبًا نتيجة اصطدام نيوترون بطيء الحركة بنواة العنصر الثقيل، مما يجعلها غير مستقرة، فتنقسم إلى نواتين أصغر (مثل الكريبتون والباريوم) مع إطلاق طاقة تعادل 200 مليون إلكترون فولت.
كيف يحدث الانشطار النووي؟
1. التفاعل المستحث بالنيوترون:
يُعد الشكل الأكثر شيوعًا، ويتم كالتالي:
- يتم قذف نواة يورانيوم 235 بنيوترون بطيء.
- تمتص النواة النيوترون وتصبح غير مستقرة.
- تنقسم إلى نواتين أصغر وتطلق طاقة هائلة مع نيوترونات إضافية.
2. التفاعل المتسلسل:
النيوترونات الناتجة من الانشطار يمكن أن تصطدم بأنوية أخرى، مما يؤدي إلى سلسلة من الانشطارات المتتابعة، وهي أساس عمل المفاعلات النووية والقنابل.
أهم العناصر المستخدمة في الانشطار النووي:
- اليورانيوم 235
- البلوتونيوم 239
- اليورانيوم 233
التطبيقات السلمية والعسكرية للانشطار النووي:
1. المفاعلات النووية:
يتم التحكم في التفاعل المتسلسل باستخدام قضبان تحكم (عادة من الكادميوم أو البورون) لامتصاص النيوترونات الزائدة. تُستخدم الحرارة الناتجة عن التفاعل لتحويل الماء إلى بخار وتشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء. طاقة كيلوغرام واحد من اليورانيوم تعادل احتراق آلاف البراميل من النفط.
2. الأسلحة النووية:
في هذه الحالة، يُترك التفاعل بدون تحكم، مما يؤدي إلى انفجار هائل في جزء من الثانية. تُستخدم كميات صغيرة جدًا من اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم، ولكن بقوة تدميرية هائلة بسبب الطاقة الناتجة عن تحويل الكتلة إلى طاقة وفق معادلة أينشتاين الشهيرة: $E=mc^2$.
المخاطر والتحديات:
1. النفايات النووية:
المواد الناتجة عن الانشطار تكون مشعة وخطيرة لآلاف السنين، وتحتاج إلى معالجة وتخزين طويل الأمد في أماكن آمنة.
2. الكوارث النووية:
أحداث مثل كارثة تشرنوبيل أو فوكوشيما أثبتت أن فقدان السيطرة على الانشطار يمكن أن يؤدي إلى تسرب إشعاعي واسع النطاق وتبعات صحية وبيئية خطيرة.
3. الانتشار النووي:
معرفة تكنولوجيا الانشطار قد تمكّن بعض الدول أو الجماعات من تطوير أسلحة نووية، مما يشكل تهديداً للأمن العالمي.
أنواع الانشطار النووي:
- الانشطار التلقائي: يحدث بدون تدخل خارجي، وهو نادر نسبيًا.
- الانشطار المستحث: يحدث نتيجة قذف نواة العنصر بنيوترون، وهو النوع الأكثر استخدامًا في التطبيقات العلمية والعسكرية.
معلومة تاريخية:
تم اكتشاف الانشطار النووي عام 1939 على يد الفيزيائيين ليز مايتنر وأوتو فريش، استنادًا إلى تجارب أجراها أوتو هان وفريتز ستراسمان على اليورانيوم. وقد مهد هذا الاكتشاف الطريق لتطوير الطاقة النووية والقنابل الذرية.