قصة جوناثان بولارد — أخطر جاسوس إسرائيلي في أمريكا وأسرار تجسسه للموساد

جوناثان بولارد: الجاسوس الذي هزَّ العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية

المقدمة

في عالم الجاسوسية والاستخبارات، هناك أسماء لم تزل تثير الرعب والدهشة حتى بعد اختفائها. من بين تلك الشخصيات الغامضة، يبرز اسم **جوناثان بولارد**، الجاسوس الإسرائيلي الذي تمكن من اختراق المجتمعات العربية والعمل وسطهم لسنوات تحت هويات مزورة، حتى انتهى به المطاف مقتولًا في شوارع مدريد في عملية غامضة لا تزال تفاصيلها محل جدل حتى اليوم. في هذا المقال، سنأخذك في رحلة حقيقية عبر حياة باروخ كوهين، عملياته الاستخباراتية، وأسرار اختفائه.

🎓 نشأته وتعليمه

**جوناثان جاي بولارد**، وُلد في 7 أغسطس 1954 في جالفستون، تكساس، الولايات المتحدة. نشأ في عائلة يهودية، وكان والده أستاذًا جامعيًا في جامعة نوتردام. أظهر بولارد اهتمامًا مبكرًا بالسياسة والأمن القومي، مما دفعه لدراسة العلوم السياسية في جامعة ستانفورد، حيث تخرج في عام 1976.

بعد تخرجه، التحق بولارد بالعديد من الوظائف الحكومية، بما في ذلك العمل كمحلل استخبارات مدني في البحرية الأمريكية. تميز بذكائه وقدرته على تحليل المعلومات، مما جعله محط أنظار العديد من الجهات.

💼 حياته الشخصية

تزوج بولارد من **آن هندرسون**، التي كانت تعمل أيضًا في مجال الاستخبارات. عُرف عنه حبه للموسيقى الكلاسيكية واهتمامه بالثقافة الإسرائيلية، مما أثر على توجهاته لاحقًا.

🕵️‍♂️ تجنيده وعمله مع الموساد

في عام 1984، التقى بولارد بـ**أفييم سيلا**، عقيد في سلاح الجو الإسرائيلي، أثناء دراسته في جامعة نيويورك. عرض بولارد على سيلا تزويد إسرائيل بمعلومات استخباراتية حساسة، مدعيًا أن الولايات المتحدة كانت تحجب معلومات حيوية عن إسرائيل. بدأ في تسريب معلومات سرية، بما في ذلك دليل مكون من عشرة مجلدات يوضح كيفية جمع الولايات المتحدة لمعلوماتها الاستخباراتية، وأسماء آلاف الأشخاص الذين تعاونوا مع وكالات الاستخبارات الأمريكية. كما حاول بولارد بيع معلومات سرية إلى دول أخرى، مثل جنوب إفريقيا وباكستان، من خلال وسطاء.

⚖️ محاكمته وسجنه

في نوفمبر 1985، تم اكتشاف أنشطة بولارد التجسسية، وتم القبض عليه أثناء محاولته اللجوء إلى السفارة الإسرائيلية في واشنطن. في عام 1987، أقر بولارد بالذنب في تهمة التجسس لصالح دولة أجنبية، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. خلال المحاكمة، قدم وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، **كاسبار واينبرغر**، مذكرة سرية من 46 صفحة إلى القاضي، وصف فيها الأضرار التي لحقت بالأمن القومي الأمريكي نتيجة لتصرفات بولارد.

🌍 تأثير القضية على العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية

أثارت قضية بولارد توترًا كبيرًا في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. في عام 1998، خلال مفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، نظر الرئيس الأمريكي **بيل كلينتون** في إمكانية إطلاق سراح بولارد، مما أدى إلى رد فعل سلبي من مجتمع الاستخبارات الأمريكي، بما في ذلك تهديد مدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) **جورج تينيت** بالاستقالة.

في إسرائيل، اعتُبر بولارد بطلاً قوميًا، وحصل على الجنسية الإسرائيلية في عام 1995. طالب العديد من القادة الإسرائيليين، بمن فيهم بنيامين نتنياهو، بالإفراج عنه، معتبرين أن فترة سجنه كانت طويلة بشكل غير عادل مقارنة بحالات تجسس أخرى.

🕊️ الإفراج والعودة إلى إسرائيل

بعد قضاء 30 عامًا في السجن، تم الإفراج عن بولارد في نوفمبر 2015، مع فرض قيود عليه تمنعه من مغادرة الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات. في ديسمبر 2020، بعد رفع هذه القيود، وصل بولارد إلى إسرائيل، حيث استقبله رئيس الوزراء **بنيامين نتنياهو** ومنحه بطاقة هوية إسرائيلية. أعرب بولارد عن سعادته بالعودة إلى "الوطن"، مؤكدًا التزامه بدعم إسرائيل.

الخاتمة

في النهاية، تبقى قصة جوناثان بولارد واحدة من أكثر قضايا التجسس إثارة للجدل في التاريخ الحديث. فالرجل الذي خان وطنه الأم من أجل دولة أخرى، ظل لسنوات رمزًا للخيانة في نظر الولايات المتحدة، وبطلاً قوميًا في إسرائيل.

ملف بولارد يكشف عن حجم التعقيدات التي تحكم العلاقات بين أجهزة الاستخبارات، والدول الحليفة ظاهريًا والمتنافسة سرًا.

تلك القصة ليست مجرد حكاية تجسس، بل درسٌ تاريخي حول الثقة، والأسرار، وأثمان المعلومات في عالم لا يعترف إلا بمصالحه.

إذا كنت من عشاق قصص الجواسيس وملفات المخابرات الحقيقية، تابع معنا المزيد في "**الجواسيس: الموسم الثاني — ملفات من الموساد**" حصريًا عبر قناة كفاحي للتعليم عن بُعد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال