حصار أنطاكية: كيف سقطت المدينة بالخيانة؟ | الحروب الصليبية - العركة بدأت

بين الجوع والخيانة: القصة الكاملة لحصار أنطاكية الدموي

المقدمة

في خريف عام 1097م، بدأ فصل جديد من فصول الحروب الصليبية، فصل سطّرت فيه **أنطاكية** ملحمة دموية قاسية لا تزال تفاصيلها تروى حتى اليوم. أنطاكية، المدينة الحصينة الواقعة على مفترق طرق استراتيجي بين الأناضول وبلاد الشام، تحولت إلى مسرح لصراع دام أكثر من 8 أشهر، بين جيوش أوروبية لا تعرف الرحمة، ومدافعين أبطال سطروا ملحمة في الصمود... قبل أن يسقط كل شيء **بخيانة رجل واحد**.

أنطاكية في قلب الصراع الصليبي

أنطاكية لم تكن مجرد مدينة، بل كانت بوابة العبور نحو الجنوب؛ من يسيطر عليها، يمتلك طريق القدس. لذلك، عندما وصلت جيوش الصليبيين بقيادة **غودفري، ريمون، بوهيموند**، وغيرهم إلى أسوار المدينة، كانوا يدركون أن أمامهم معركة طويلة وشرسة.

لكنهم لم يتوقعوا أن يتحول الحصار إلى معركة ضد البرد والجوع... وضد بعضهم البعض.

الجوع يفتك بالفرسان

مع غياب الإمدادات، ونقص المعدات، وتدهور الطقس، بدأت ملامح الانهيار تظهر:

  • أكل الجنود خيولهم.
  • ظهرت حالات من أكل لحوم البشر في بعض الروايات الغربية.
  • انهارت الخيام، وانتشر المرض.

الجوع لم يكن مجرد حالة جسدية، بل دمر الروح المعنوية، وبدأت الانشقاقات داخل المعسكر الصليبي. بعضهم حاول الهرب، وآخرون دخلوا في صراعات داخلية على أحقية السيطرة على المدينة بعد سقوطها… رغم أنها لم تسقط بعد.

الفرصة تأتي بالخيانة

وسط هذا المشهد القاتم، ظهر اسم **فيروز**، أحد قادة أبراج سور أنطاكية. **بوهيموند**، الذي كان يطمح في حكم المدينة لنفسه، أقنع فيروز بخيانتها وفتح إحدى البوابات في ليلة مظلمة.

في يونيو 1098، تسللت القوات الصليبية من فتحة صغيرة في السور، وانهار الدفاع الداخلي للمدينة. بدأت مجازر دامية، شملت المسلمين واليهود، ولم يسلم منها أحد. المدينة العظيمة سقطت، ليس بالبطولة… بل بالخيانة.

الطوق ينقلب: الصليبيون محاصرون

بعد الاستيلاء على المدينة، جاءت جيوش **كربوغا أمير الموصل** لتحاصر الصليبيين داخل أنطاكية. من كانوا البارحة محاصِرين، أصبحوا محاصَرين، وجوعى، ومحبطين.

لكن ما أنقذهم لم يكن خطة عسكرية… بل "أسطورة".

الرمح المقدس: وهم النصر

ادعى راهب يدعى **بطرس بارثولومي** أنه رأى في منامه رؤيا عن وجود رمح مقدس طُعن به المسيح مدفون تحت كنيسة في أنطاكية. حفَر الجنود و"عثروا" على الرمح. سواء كانت حقيقة أو خدعة، فقد منحت الصليبيين طاقة نفسية جبارة.

بعد أيام، هاجموا جيش كربوغا وحققوا انتصارًا مفاجئًا، بسبب تشتت صفوف المسلمين وسوء التنسيق بينهم.

نتائج السقوط

  • **بوهيموند** نصب نفسه أميرًا على أنطاكية، رافضًا تسليمها للإمبراطور البيزنطي.
  • أنطاكية أصبحت أول "**إمارة صليبية**" مستقلة.
  • العلاقة بين الصليبيين والبيزنطيين انهارت.
  • الطريق إلى القدس فُتح، لكن بثمن باهظ.

شاهد وثائقي قصير عن حصار أنطاكية!


خاتمة: حين تُباع المدن على أبوابها

حصار أنطاكية يكشف لنا أن الحروب لا تُحسم فقط بالسيوف، بل بالخيانة، والإيمان، والجوع، والطمع. هي ملحمة إنسانية معقدة، تظهر كيف أن مدينة واحدة يمكن أن تُغير مجرى التاريخ… إذا سقطت في اللحظة الخاطئة، بيد الشخص الخطأ.

في الحلقة القادمة من "العركة بدأت"، نتابع الرحلة جنوبًا، نحو القدس. فهل كانت القدس تنتظر الفاتحين… أم الشياطين؟

المصادر والمراجع

النوعالوصف
الموسوعات التاريخيةموسوعة بريتانيكا (Britannica)، موسوعة أكسفورد (Oxford Reference)
الكتب المتخصصةكتب تاريخ الحروب الصليبية وتاريخ العصور الوسطى الأوروبية والإسلامية
الدراسات الأكاديميةأوراق بحثية منشورة في المجلات التاريخية المتخصصة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال